في زيارة لمدينة ليماسول في قبرص لفت انتباهي ان حاويات جمع الفضلات في منطقة الشاطيء عبارة عن “قطوة”، و “القطوة” نصف برميل كانت تستخدم قديما من اجل سلق القمح لصناعة البرغل و البعض الاخر يستخدمها كوعاء لعلف الحيوانات.
سبب الحديث عن ليماسول و “القطوة” هو واقع النظافة في مدننا، هو مقبول باحسن حالاته و بين المقبول و الممتاز هنالك الجيد و الجيد جدا. لكن من المسؤول عن هذا الواقع؟ المسؤولية تقع على الجميع مسؤولين و عمال وطن و مواطنين.
المسؤولون في المدن و البلديات مقصرون في نشر الوعي لدى المواطنين عن الطرق المثلى للتخلص من النفايات، و هم مقصرون ايضا في الرقابة على اداء عمال الوطن و لا يخفى على اي مراقب ان بعض عمال الوطن في امانة عمان يجلسون في مناطق عملهم اكثر مما يعملون و لو كان هنالك رقابة فعلية لكانت عمان انظف من باريس.
عمال الوطن و خصوصا الاردنين منهم يلزمهم التأهيل و التدريب و لا يكفي ان نسلم عامل الوطن مكنسة و سطل و ندفع به الى الشارع و تقع هذه المهمة على عاتق الحكومة و خصوصا وزارة البلديات. هؤلاء يجب ان يقتنعوا بان العمل عبادة و ان عملهم في جمع الفضلات لا ينتقص من كرامتهم.
المواطنيين هم بحاجة الى التوعية ايضا عن طرق و اوقات التخلص من النفايات و هذه مهمة البلديات. فالفضلات المنزلية يمكن التخلص منها في الحاويات المنتشرة في الشوارع و غير ذلك كالاثاث التالف يتم التخلص منه في ايام و اوقات معينة بالتنسيق مع البلدية لا ان ترمى بجانب حاوية الفضلات.
دول العالم المتقدم قطعت اشواط كثيرة في مجال النظافة، و اسمحوا لي هنا ان انقل لكم ما شاهدته في احد الايام في ايطاليا خلال انتظاري للحافلة، مرت سيارة جمع الفضلات و التي يعمل عليها شخص واحد هو السائق تعينه على عمله الة تصوير تحدد الموقع المناسب للسيارة من اجل افراغ الحاوية ثم بعد ذلك جاءت سيارة اخرى لغسل الحاوية و تعقيمها. سيارة جمع النفايات في بلدنا الغالي يعمل عليها ثلاث اشخاص، السائق و عاملي وطن. و سيارة جمع الفضلات في بلدنا تزدان جوانبها الخلفية بكيسين من البلاستيك معلقين بالقرب من ايدي عمال الوطن يعلم المسؤول عن النظافة في بلدنا الغاية من هذه الاكياس.
دعم الاتحاد الاروبي تحت مظلته البحثية السابقة (FP7) مشروعا بحثيا لتطوير حاويات فضلات ذكية و طبقت نتائج البحث في مدن اوروبية عديدة، فالحاوية الذكية عندما تمتلىء ترسل الى مركز السيطرة اشارة تفيد بذلك. و الحاويات في بلدنا معظمها بدون غطاء و نسبة كبيرة منها ذو شكل غير منتظم كانما لاكها ديناصور ثم تفلها.
اللحاق بالدول المتقدمة في مجال النظافة يمكن الوصول اليه في شهور قليلة عندما يلتزم الجميع بالقانون، فيخرج المواطن نفايات بيته و مصنعه بالطريقة و الوقت الذي حددته البلدية و عندما يقوم كل من المسؤول و عامل الوطن بواجباته على الوجه الاكمل.
و اخيرا اتمنى على المسؤولين عن النظافة في مدننا ان يوضحوا للجميع لماذا زي عامل الوطن متسخ غالبا؟، و لماذا سيارة جمع الفضلات متسخة ايضا؟. عمال الوطن لا يجمعون الفضلات بملابسهم و عليه يجب على هولاء المسؤولين ان يتأكدوا من نظافة زي عامل الوطن و من لم يلتزم توجه له عقوبة مناسبة، و من اجل الحفاظ على نظافة سيارة جمع النفايات من الخارج ما على البلديات الا ان توفر مكان لغسل هذه السيارة بعد نهاية كل يوم عمل.
الرئيسية / أخبار الكليّات / كليّة تكنولوجيا المعلومات / “القطوة” في مقال للدكتور محمد بريك من كلية العلوم بجامعة جرش – منقول عن صحيفة الرأي