كان احدهم يبادر الى ان يُولِم لمن زاره مهنئًا بالعودة سالما من سفر قضاه بهدف العمل او الدراسة او غيره، ثم بعد ذلك يبدأ بقبول الدعوات لولائم ممن حضر وليمته على مبدا المثل القائل ” فرّش تا نغطي”.
في يوم من ايام السنوات التي قضيتها في فينيسيا في ايطاليا سألني سائح شرق اسيوي عن اماكن بيع عبوات المياة، فما كان مني الا ان ارشدته الى صنبور ماء تنساب منه مياه نقية و مجانا. سمعت حديثنا سيدة ايطالية لم يعجبها اني ارشدته الى صنبور الماء المجاني معللة اعتراضها ان هذا السائح سيخبر كل السواح عن هذا الماء و عندها ستخسر محلات بيع المياه في فينيسيا زبائنها. حال هذه السيدة الايطالية يشبه حال السواد الاعظم من سكان اوروبا يحبون اوطانهم. قد يقول احدهم ان دولهم قدمت لهم الكثير فاستحقت هذه الدول الحب و الانتماء، و اقول ان هؤلاء المواطنون قدموا ما عليهم من واجبات لاوطانهم فاستحقوا ان تقدم لهم دولهم ما ينعمون به الان.
ماذا قدمنا نحن لاوطاننا؟، علاقتنا بأوطاننا هي اعالة الدولة لمواطنيها و لذلك لا تسمع من المواطنيين في وطننا الا التبرم و الاصل ان تكون العلاقة واجبات و حقوق. قبل ان نطلب من وطننا ان يقدم لنا ما نتمناه، هل قدمنا ما علينا من واجبات.
في وطننا الغالي الاردن و الذي سيبقى شامخا بأذن الله الاف حلالات استجرار الكهرباء بشكل غير مشروع (سرقة الكهرباء) و ليس سرقة الكهرباء فحسب بل سرقة الماء ايضا، فمن خبر اكتشاف حالات سرقة مياة وخصوصا في منطقة جنوب عمان الى خبر اكتشاف حالة جديدة. السرقة لم تتوقف عند الكهرباء و الماء بل وصلت حتى الى مقتنيات المدارس.
اعتدينا على مياه الديسي و يخرج علينا رئيس احدى البلديات التي يمر منها خط الديسي و يقول ان خط مياة الديسي لم يوفر لابناء البلدية فرص عمل و كانه يبررحالات الاعتداء على خط مياة الديسي.
حرقنا حاويات جمع الفضلات و سرقنا اغطية مناهل الصرف الصحي و ادعينا ان فواتير المياة تحتوي على بند رسوم صرف صحي في المناطق الغير مشمولة و هذا غير صحيح.
الكثير منا نواب و سياسين و اصحاب رأي تحدثوا عن الطلاسم في فواتير الكهرباء و الماء و لكني عندما قرأت هذه الفواتير الخاصة ببيتي لم اجد فيها اية طلاسم. فاتورة الكهرباء مكونة من 6 بنود هي قيمة الاستهلاك و فرق اسعار الوقود و اجرة العداد و فلس الريف و رسم التلفزيون و رسم النفايات، ما دفعته لاخر شهر يشكل 2% و 0,5 (نصف بالمئة)% من دخلي الشهري للكهرباء و الماء على التوالي و لا اعتقد بان ذلك كثير.
حتى العشيرة نالها من الاساءة ما يكفي، فما ان تلقي الاجهزة الامنية على صاحب سوابق حتى يتداعى الجهلة من ابناء عشيرته الى احراق الاطارات و اغلاق الشوارع. و عندما يحول احدهم الى القضاء او يحال على التقاعد تفتح ابواب المضافات و البقية يعرفها كلنا.
يجب علينا كمواطنين ان نقدم ما علينا من واجبات تجاه و طننا و هي كثيرة و معظمها لا يترتب عليها اية التزامات مالية و بعدها نطالبه بحقوق.