أعني بالاذكياء الذين يمتلكون الحد الكافي من المهارات لممارسة مهنة بعينها، فهم الفنيون المهرة وليس من يدعّونها وهم أوائل التخصصات في المعاهد والجامعات، وليس الذين انهوا دراساتهم بصعوبة. كما لا أعني بالثروة امتلاك الملايين ولكن أمتلاك ما يكفي لحياة كريمة تؤهل صاحبها ان يكون من افراد الطبقة الوسطى العليا و على بدايات طبقة الأغنياء.
قبل عقود من الزمن، في الخمسينات والستينات كان يكفي الشخص ان يكون من حملة الإعدادية أو الثانوية للحصول على فرصة عمل في القطاع العام او الخاص. بعد ذلك أصبح الحصول على شهادة الدبلوم ومن ثم البكالوريس ضرورة للحصول على فرصة عمل. الان الكثير من الاردنيين يحملون شهادات جامعية أولى وثانية، ومع ذلك يجدون صعوبة في الحصول على فرصة عمل.
التعيين في القطاع العام في الاردن لا يعتمد على الكفاءة بشكل اساسي بل على مجموعة من النقاط كمكان السكن وسنة التخرج بالاضافة إلى التقدير الأكاديمي، وبسبب هذه السياسة في تعيين موظفي القطاع العام نلحظ تدني مستوى الخدمات المقدمة من المؤسسات الحكومية. في السنوات الأخيرة اتجهت الحكومة إلى مكافأة الاذكياء واستثنتهم من شروط التعيين المتبعة من قبل ديوان الخدمة المدنية، فبادرت إلى تعيين عدد من أوائل التخصصات الجامعية في الدوائر الحكومية المختلفة.
الجهاز الحكومي متخم وغير قادر على استيعاب كل الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وبالتالي اصبح القطاع الخاص هو ملاذ الباحثين الجدد عن عمل. أسس الحصول على فرصة عمل في القطاع الخاص مختلفة عن تلك في القطاع العام وعلى رأس هذه الأسس الكفاءة ولذلك هنالك موظفون في القطاع الخاص رواتبهم تتعدى رواتب الوزراء.<br><br>التصرف بذكاء يبدأ من المدرسة، فهل اتوجه للدراسات الأكاديمية ام اتوجه للتعليم المهني. كلاهما يؤديان إلى نفس الهدف وأعني الحصول على فرصة عمل وصنع الثروة، ولكن شريطة التميز في المسار الذي تم اختياره.
الاذكياء في القطاع الخاص يملكون ورش ومصانع صغيرة تعود عليهم بالثروة والاذكياء في القطاع الأكاديمي فرصهم كثيرة، فان لم يجدوا فرصة في القطاع العام تلقفهم القطاع الخاص المحلي او تتلقفهم دول الإقليم.
الاذكياء مدعوون الآن في الأردن وغيره إلى تجاوز نطاق التفكير في البحث عن فرص عمل لدى الغير و التوجه الى خلق عملهم الخاص عبر ما يعرف بالشركات الناشئة.جلالة الملك في الشهور القليلة الماضية التقى العديد من رواد الأعمال (الاذكياء) أكثر من مرة منوها إلى أن ريادة الأعمال هي مفتاح الحل.
الأردن من أوائل الدول العربية التي اهتمت برواد الاعمال ودعمتهم، وذلك عبر العديد من حاضنات الأعمال، ولذلك ليس غريبا أن يكون 23% من رواد الأعمال في المنطقة أردنييون.