اعلنت الحكومة يوم امس قانون الدفاع رقم 9 و المعني بالحماية الاقتصادية ودعم الشركات المتضررة جراء تداعيات انتشار وباء كورونا. ويتضمّن البرنامج الأول آلية دعم لعمال المياومة والآخر يتضمن سلسلة من الاجراءات والقرارات المهمة لدعم العاملين في المنشآت الاقتصادية المتضررة وحمايتهم من آثار التعطل عن العمل.
لا شك في ان العالم و الاردن من ضمنه سينتصر على هذا الوباء طال الزمان ام قصر، لكن اثاره ستستمر ربما لفترة طويلة و الاثار الاقتصادية من اهم اثاره. دول العالم الغنية بدأت تتحدث عن ركود اقتصادي غير مسبوق منذ الكساد الكبير في العقدين الرابع و الخامس من القرن الماضي. اذا كان هذا هو حال الدول الغنية فما هو حالنا.
الاثار الاقتصادية على الاردن ستكون كبيرة و مؤلمة و هنا يجب على الدولة ان تبحث عن حلول للتخفيف من اثار هذه الكارثة. ضبط النفقات و تاجيل المشاريع الراسمالية غير ضرورية قد تكون من ضمن الحلول و لكن اهم الحلول من وجهة نظري هو الاعتماد على الذات. للمختصين في الاقتصاد و ربما علم الاجتماع رايهم في المقصود بالاعتماد على الذات، و لكني ساتعامل مع مبدأ الاعتماد على الذات كما افهمه كمواطن.
نحن كموطنين نستطيع تقديم الكثير لمساندة جهود الحكومة في التعامل و التخفيف من اثار جائحة كورونا و لنتوقف عن جهد واحد على سبيل المثال و هو دعم الصناعة الوطنية. الصناعة الوطنية مشغل مهم للايدي العاملة الاردنية و هي من روافد الخزينة العامة بما تدفعه من ضرائب مختلفة و هي ايضا مصدر مهم لجلب العملة الصعبة، فدعونا نبادر منذ الان لدعم الصناعة الوطنية باعطاء منتجاتها الاولية على المنتجات المستوردة.
الصناعة الاردنية تغطي الكثير من حاجات المواطن الاردني و بجودة و سعر منافس، فلماذا لا نتوقف عن شراء المنتج المستورد و نمنح الفرصة لمن يشغل ابناءنا و يرفد خزينتنا بضرائب على ارباحه. يعتقد البعض ان الكثير من حاجياته لا توفرها الصناعة المحلية، و حصل قبل اربع او خمس سنوات ان دار نقاش بيني و بين احد الاصدقاء عن عدم توفر احد المنتجات من الصناعة المحلية و عندما اخبرته ان احدى المصانع الاردنية تنتجه استهجن و في اليوم التالي احضرت له هذا المنتج الاردني.
الصناعة الوطنية تسعى لتطوير منتجاتها و تهتم بالتغذية الراجعة من السوق، و هنا ساتحدث عن تجربة شخصية مع احدى المصانع الاردنية و على مبدأ “اذا الزيت احتاجوه صحابه بحرم على الجامع”، و زيتنا هنا هو العملة الصعبة التي تخرج نتيجة شراء المنتجات المستوردة. تخليت عن شراء منتج ايطالي لصالح منتج من هذه الشركة و حصل اني اتصلت بالعلاقات العامة لنقل ملاحظة فنية عن هذا المنتج، تقبلوا النقد بصدر رحب ثم بعد ذلك بايام اتصل معي المصنع من اجل اعلامي انهم في طريقهم لزيارتي في البيت و بالفعل تمت الزيارة و استمعوا مني للكثير من الملاحظات. مندوب المصنع كان محملا بعبوة لكل منتج في مصنعهم و بعد هذه الزيارة اتصل معي مكتب العلاقات العامة لاخذ التغذية الراجعة عن زيارة مندوبهم، و بعد هذه الزيارة عاودت الاتصال بهم من جديد لاخبرهم ان احد منتجات المصنع غير متوفرة في
الاسواق القريبة من منزلي و لم يتاخر ردهم فخلال ايام وجد المنتج على رفوف الاسواق حيث اسكن. مثل هذه المصانع تستحق ان تدعم من قبل الحكومة و قبل المواطنين.
حديثا و منذ لا يزيد عن عام استبدلت ثلاث منتجات مستوردة ببديلها المحلي و تقدر مشترياتي من هذه المنتجات بما يعادل 100 دينار في السنة. قد يقول احدهم “جننتنا بهل 100 ليره”، تخيلوا لو ان 50% من هذه المنتجات و هي مستوردة كان مما يصنعه هذه المصنع كم ستكون القيمة الاجمالية. لا شك بان القيمة قد تتعدى الملايين و لا شك ايضا ان فرص العمل الجديدة التي سيستحدثها هذا المصنع لتلبية الطلب ستكون بالعشرات.
حماية المنتج الوطني من قبل الدولة اصبح ضرورة و عليه بدأت الحكومة بمراجعة اتفاقيات التجارة الموقعة بين الاردن و غيره من الدول الاخرى و من ضمنها اتفاقية التجارة مع تركيا و التي تكبد الاردن بسببها خسائر كبيرة عندما اخل الجانب التركي بالتزاماته مما ادى الى ايقافها. سبحان الله اعترض على ايقاف الاتفاقية فئتان الاولى هم التجار و هو اعتراض غير مبرر لان هولاء التجار باستطاعتهم ان يستبدلوا المنتج التركي ببديل محلي و خصوصا ان تركيا لا تصنع هواتف الجيل الخامس و الفئة الاخرى هم نواب كتلة الاصلاح (الاخوان المسلمين)، لماذا كان اعتراضهم سؤال اتركه لنباهة القارىء.