اعتدت منذ سنوات أن أستقبل بسرور بتراس منزلي حيث أقضي معظم وقتي, طائراً صغيراً غاية في الجمال يمر بمفرده أو بمجموعة صغيرة مع عدد محدود من أشقائه. وكان مرور هذا الطائر يشرح صدري ويشدني للتأمل بنعومته وصغر حجمه ولونه الأزرق الجميل ومنقاره الملتو الطويل. وعبثاً حاولت التعرف على هذا الطائر وتحديد إسمه. وفجأة وقبل أسبوع وبينما كنت أتصفح العدد الحادي عشر لمجلة “البحث العلمي” الصادرة عن الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة والإبداع وقعت عيني على صورة لهذا الطائر في مقال للأستاذ الدكتور عباس الجمالي بعنوان “‘طير الشمس الفلسطيني: بطل تلقيح الأهار والمقاومة الحيوية” تناول به دور هذا الطائر في تلقيح الأشجار والأزهار. وكان لهذه الصدفة وقع جميل على نفسي اعتبرته فال خير وشرعت وبفرح مباشرة القراءة عن هذا الطائر الجميل.
ينتمي عصفور الشمس الفلسطيني (Palestine Sunbird) لفصيلة التمريات (Nectariniidae) وهو منذ 2015م الطائر الوطني لدولة فلسطين التي لم ترى النور بعد, وإسمه العلمي (Cinnyris osea). ويحمل هذا الطائر شأنه شأن عشرات أنواع الحيوانات والنباتات لقب فلسطين بسب ان تسجيله اول مرة كان في فلسطين على يد العالم بونابرت عام 1856م. وأشد أعداء عصفور الشمس الفلسطيني الثعابين وبعض الطيورأمثال ابو زريق وتعاديه بشدة المؤسسات العلمية في الكيان الصهيوني التي ما كلت عن محاولة طمسه بسبب رمزيته وارتباط إسمه بفلسطين وضمن محاولاتهم العدائية لتهويد كل شيء. ويطلق عليه علماء الكيان الصهيوني في أدبياتهم ” بير اسرائيل”.
ينتشر هذا الطائر في بلاد الشام وفي المنطقة الممتدة من غرب السعودية حتى اليمن وأطراف الصحراء الإفريقية ويشبه إلى حد كبير طائر الطنان الموجود فقط بالأمريكيتين. وعصفور الشمس الفلسطيني شائع بكثرة على طول الحفرة الإنهدامية (تكونت قبل 600 مليون عام) من الشمال والجنوب وأكثر ما يشاهد في مزارع أريحا أقدم مدينة في العالم العائدة إلى أكثر من 11 ألف عام.
عصفور الشمس الفلسطيني طائر فضولي يفحص كل جديد يقابله ويتغذى على الحشرات ورحيق الأزهار يساعده منقاره الملتو للأسفل ويبني عشه على شكل محفظة نسائية من أعشاب وبقايا نباتات يربطها بخيوط من بيت العنكبوت وأشياء أخرى. تضع الأنثى 1-3 بيضات ملساء مخططة وتحضن البيض لمدة أسبوعين قبل فقسها. وتستطيع الصغار الطيران بعد ثلاثة أسابيع من فقس البيض.
لون ذكر عصفور الشمس الفلسطيني أزرق أو أخضر لامع وهو أجمل من أنثاه ذات اللون البني الرمادي. وللذكر صوت أجمل من صوت الأنثى يصدح به من الأماكن المرتفعة المكشوفة وريشه اصفر ناري تحت جناحه يظهره فقط أثناء تقربه من الأنثى. ولهذا الطائر العديد من الأصوات منها المجلجل والمخشخش وحتى الحاد عندما يشعر بالخطر وهو من الطيور القليلة التي يمكنها الطيران رجوعاً إلى الخلف.