فإن السمة العصرية الأبرز لهذا الزمان هي المؤسسية , وهى المفهوم المعاصر للعمل الجماعي هو العمل المؤسسي وهى مجموعة من المنظومات الرئيسية التي تديرها مؤسسة ما ضمن انظمه وتعليمات خاصة ضمن دائرة متكاملة الخصوصية. فقد دخلت المؤسسة والمؤسسات الأكاديمية منها في وقتنا الحاضر إلى كل مناشط حياتنا اليومية الناجحة ونحن على مفترق طرق بين صراعات اقليميه ايدلوجية وسياسيه بحتة.
وكثير منا اليوم يمارسون قيادة المؤسسات أو بعض أجزائها، وقد تكون تلك المؤسسات من التي يعوَّل عليها في الاصلاح والتعديل والتغير لانشاء أجيال الحاضر والمستقبل، ومنبع الأمل. ورجالات المستقبل. ؛ سواء كانت تلك المؤسسات حكومية أو غير حكومية. ومع ذلك فكثير من قادة وافراد تلك المؤسسات لا يسعفون أنفسهم بالتعرف على أسس ومبادئ إدارة المؤسسات، والطرق الميسرة الكفيلة التي تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها وتطلعاتها وَفْقَ ما هو مأمول لتحقيق الغايه المنشودة منها.
لذلك يلجأ أكثرهم إلى تقليد أقرانهم في إدارتهم للأمور، وربما اجتهدوا من خلال الخبرة والواقع العملي والعمل بمبدأ التجربة والخطأ، حتى تمضي السنون وقد قطعوا شوطاً هائلاً أُهدِر خلاله كثير من الموارد، مقابل نتائج ضعيفة وربما تكون مخيبة للآمال. وتتحول مفهوم المؤسسية من مؤسسات حميدة الى غير حميدة. بل الى مزارع شخصيه شيطانيه لجلب المكاسب بلا معاير او قيم تذكر ..حيث تنتشر فيها خلايا سرطانيه هجوميه. تتكاثر بشكل بطانة فاسده همها الوحيد المكاسب الشخصية واحتواء خلاياهم المريضة.
لهذا السبب نجد أن الناجح والموفَّق من مؤسساتنا قليل. بينما كثير منها تعاني من مشكلات جسيمة ومعوقات كبيرة. والسبب في ذلك يرجع إلى الإهمال في تعلُّم أبجديات مفهوم المؤسسية ، التي هي ثمرة الخبرة الإنسانية المتراكمة عبر العصور. وقد باتت في هذا الزمان – بفضل الله – ميسَّرة الطرق للحصول عليها وتعلُّمها، ونتيجة لذلك ظهرت المنافسة بين المؤسسات الجادة على مستوى العالم باحترام المعايير المؤسسية، حتى أصبحت تلك المعايير مؤشراً على نجاح أو فشل المؤسسات، ومقياساً على مدى تقدُّمها أو تأخُّرها أمام أقرانها ومنافسيها.
حيث تقوم الحاكمية المؤسسية على عدة مبادئ أساسية أهمها الفصل بين مسؤوليات الإدارة بالإضافة إلى ضرورة وجود هياكل تنظيمية عامة تتوزع فيها المسؤوليات والصلاحيات بتحديد ووضوح تامّين ووجود أطر فعالة للرقابة بشكل واضح، كما تقتضي معاملة كافة الجميع بعدالة وشفافية .تمكنهم من تقييم وضعية المؤسسة، وأن يتوفر مستوى مناسب من المؤهلات العلمية والعملية والنزاهة والامانة في الادارة والجهات ذات العالقة من جهة أخرى وعدم تضارب المصالح ومقدراتهم الفاعلة على إدارة شؤون المؤسسة بما يتوافق مع أفضل المعايير والممارسات في التحكم المؤسسي.
حيث يتطلب توفير البيئة الداخلية والخارجية معا ً ، فإن العناصر التالية تعتبر المبادئ الارشادية لتحقيق مرادها حيث تقوم المؤسسة بالافصاح عن خططها الاستراتيجية والتنظيمية واهم هذه العناصر الرئيسية :
العدالة-
يتم معاملة الموظفين والجهات ذات العالقة بعدالة وأخذ مصالحهم بعين الاعتبار
الشفافية
تقوم المؤسسة بالافصاح عن الجهات ذات العالقة عن المعلومات المالية والتنظيمية بشكل يمكن
الجميع من تقييم الاداء وبما يتوافق معها.
المساءلة
تلتزم الإدارة التنفيذية بالإجابة على أي استفسار عند تعرضها للمساءلة فيما يتعلق بتنفيذ الخطط
وتطبيق السياسات المقررة منها بهدف ضمان الحفاظ على المؤسسة وديمومتها
-المسؤولية
باعتماد حدود واضحة للمسؤولية والمساءلة وإلزام جميع المستويات الادارية في المؤسسة، وأن يتأكد من أن الهيكل التنظيمي يعكس بوضوح خطوط المسؤولية والسلطة بحيث يشمل عدة مستويات رقابية،
للعمل بشكل يتفق مع السياسات والإجراءات التي اعتمدها المؤسسة ، واعتماد ضوابط رقابية مناسبة.
فمؤسساتنا هي الدرع الواقي الذي طالما ميزنا بين الدول الإقليمية والمحلية. فأنه لمن القوه والعظمة أن يكون الأمر بيد من يدركه لا بيد من يملكه. وانه لمن الضعف والاستهانة أن يكون الأمر بيد من يملكه لا بيد من يدركه
رفقا بمؤسساتنا الوطنية فهي مؤسسات علمية وبحثية وحاضنات للأبداع والتميز وميادين لتخريج قادة الرأي وعلماء المستقبل والكفاءات العملية التي ترتقي بالوطن والأمم الى معارج الحضارة والثقافة والرقي في المجالات كافة .
قال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ.
وقال تعالى: وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا.. لأنّ الله تعالى إنّما يربط الأسباب بالمسببات ربطاً صحيحاً، ولا بدّ أن يكون السّبب منتجاً المسبب، فتكون العدوى سبباً في المرض….