اجتاحت عاصفة غبارية شديدة قبل أيام عدة دول في الشرق الأوسط لا سيما مصر والسعودية والكويت والبحرين والعراق وسوريا والأردن وجزء من فلسطين. أسفرت هذه العاصفة الغبارية عن مقتل 10 أشخاص في سوريا وشخص في العراق واختناق المئات وتوقف حركة الملاحة في العراق والكويت وعلقت حركة الدراسة في العراق وبعض المدارس والجامعات الأردنية. واكتضت المستشفيات والمراكز الصحية بهذه الدول بمن أصيبوا بأزمات صحية وتنفسية. ودخل بسبب هذه العاصفة أكثر من 4000 شخص المستشفيات بالعراق لوحدها. وكما تسببت بأضرار مادية كبيرة حيث توافقت مع وقت الحصاد وخاصة القمح والشعير والقطن، وأدت إلى انهيار جدران منازل وأبراج كهرباء وتوقف التغذية الكهربائية في العديد من المدن التي غطتها سحب الرمال الصفراء فيما حجبت سحب الغبار السميكة الرؤية لمجرد لبضعة أمتار قليلة. ويعتبر العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف 50 درجة مئوية. وتشير الدراسات المناخية والبيئية إلى تجاوز عدد الأيام المغبرة في العراق إلى “272 يوماً في السنة لفترة العقدين الفائتين ويرجّح “أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة حتى عام 2050م.
تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من أكثر مناطق عرضة لتغير المناخ والتي باتت الخصائص البيئية بها على حافّة عدم صلاحية العيش. وسيؤدي تفاقم الاحتباس الحراري بها إن عاجلاً أو آجلاً إلى تفاقم الآثار على الصحة، والبنية التحتية، والهجرة البشرية، والتنوع البيولوجي، والسياحة، والأمن الغذائي. وينبعث من هذه المنطقة أكثر من نصف انبعاثات الغبار العالمية، وتعاني من مزيد من الضغط الهائل على البيئة التي يمكن أن يسببه الغبار. وتساهم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى جانب آسيا الوسطى والشرقية، بشكل كبير في انبعاثات الغبار العالمية، والتي تتراوح بين 1000-2000 تيراغرام في العام.
يؤثر الغبار على الإشعاع الشمسي والأرضي وعلى توازن طاقة الكواكب، ودوران الغلاف الجوي. وقد أدت فترات الجفاف المديدة والصراعات الاجتماعية في الدول الصحراوية إلى نمو العمق البصري للهباء الجوي. ويعمل تسخين الغلاف الجوي الناجم عن الغبار الصحراوي على تحريك حزام المطر شمالاً في الصيف، الأمر الذي يزيد هطول الأمطار في الساحل. ويتجاوز في الواقع تلوث الهواء في جميع أراضي شبه الجزيرة العربية تقريباً، الحدود التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.
تؤثرالعواصف الغرابيةعلى صحة البشر، لا سيما من يعانون أمراضًا بالجهاز التنفسي والحساسية. ويتسبب الغبار في تخفيض كفاءة الجهاز التنفسي لدى من يتعرض له ويثير الرشح التحسسي وكذلك الربو القصبي التحسسي، وأمراضًا رئوية مزمنة إذا استمر التعرض لها لفترات طويلة. وتؤشر كثير من الدراسات على علاقة وطيدة بين تلوث الهواء بالجسيمات الغبارية وإنتشار بعض الأمراض مثل التهاب الرئة والتحجر الرئوي وحمى القش والربو وأمراض القلب وحتى الأورام السرطانية. وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية السابقة فإن العواصف الترابية التي اجتاحت مناطق الصحراء الإفريقية عام 1996؛ أدت لانتشار وباء التهاب السحايا الذي أصاب نحو 250 ألف شخص ونجم عنه وفاة 25 ألف شخص.
وكما يؤثر الغبار على نمو النباتات وانتاج المحاصيل بسبب مقدرته على سد المسامات، او الثغور التنفسية على سطح أوراق هذه النبات. وكما يجذب تراكم الغبار بعض أنواع من الحشرات والعناكب على أوراق النباتات لتتغذى على عصارتها، مما يضعفها وخفض محاصيلها، وإلحاق خسائر مادية فادحة في القطاع الزراعي.