بقلم الأستاذ الدكتور بشير جرار
ما دفعني لكتابة هذا المقال ما شاهدته على مدار سنوات من طلبتي من ثقافة ضحلة عند الجنسين بما يخص الإخصاب وقضايا العقم والإنجاب مع أن هذا الموضوع يمس حياتهم بشكل مباشر وعميق. يبنى الحكم على ما يخص الخصوبة والعقم على القاعدة العلمية الطبية أنه لا إخصاب ولا إنجاب دون التقاء حيوان منوي سليم (من الذكر) مع بويضة سليمة (من الأنثى) مع مراعاة أن حوالي 15% من مجموع المتزوجين ذكوراً وإناثاً على مستوى العالم يعانون من مشاكل العقم والخصوبة.
وحسب تقارير لمنظمة الصحة العالمية، تتفاقم اشكالية ضعف الخصوبة بين أجيال القرن الحالي على مستوى العالم مما ينبىء بعواقب وخيمة على كافة المجتمعات. وأشارت هذه التقارير إلى إنخفاض المقدرة الجسدية للإناث والذكور على حد سواء على إنجاب الأطفال وأن 50% من الأسر على مستوى العالم تقل معدلات الخصوبة لديها عن طفلين لكل أسرة مما سيؤدي إلى تناقص سكان العالم تدريجياً. كما أوضحت هذه التقارير أن أسرة من كل سبعة أسر مصابة بالعقم مع مراعاة أنه تأثير للعقم وضعف الخصوبة على ممارسة الجنس والإستمتاع به.
الخصوبة عند الإناث
وفيما يخص الإخصاب عند الأناث، أود إدراج الآتي:
□ تمتلك الأنثى عددًا ثابتًا من البويضات (الجاميتات الأنثوية) في المبايض منذ ولادتها، حيث تحتوي حويصلات المبيض على كل البويضات التي سيتم إطلاقها خلال حياة الأنثى. وعلى عكس الذكور تنتج الخصيتين حيوانات منوية طوال حياتهم بعد البلوغ بما معدله 173 مليون حيوان منوي يومياً مقابل بويضة واحدة شهرياً عند الأنثى بعد البلوغ.
□ تتكون البويضات بالكامل من حيث العدد أثناء المرحلة الجنينية
□ تمتلك الأنثى حين ولادتها ما يتراوح بين 700 ألف إلى مليونيّ بويضة تقريبًا
□ تفقد الأنثى شهريًّا قرابة 11 ألف بويضة في كل شهرٍ من حياتها حتى وصولها سن البلوغ.
□ تفقد الأنثى بعد البلوغ 1000 بويضة شهريًّا، بغضّ النظر عن عوامل الخصوبة لديها كسلاسة التبويض أو مستوى الهرمونات وغيرها من العوامل الاخرى.
□ يتراوح عدد البويضات لدى الأنثى عند سنّ البلوغ ما بين 250 ألف إلى 300 ألف تقريبًا لتصبح فقط 25 ألف بويضة بعمر 37 عاماً ولا تزيد عن ألف بويضة في سن ال 45 عاما.
□ لا يزيد عدد البويضات التي سيتمّ إباضتها (بويضة واحدة كل شهرعلى مدار 30 عاماً) وبمجموع أقل من 400 بويضة طوال حياة الأنثى.
□ يؤدي استخدام وسائل الإباضة الصناعية إلى شيخوخة مبكرة للمبيض حتى لوكانت الأنثى في سن الشباب، مما يؤدي لإضعاف الإخصاب أو فقدانه بالكامل.
□ تستنفذ الأنثى عند بلوغها سن الأربعين تقريبًا معظم البويضات، وتكون بذلك قد وصلت إلى مرحلة ضعف شديد للخصوبة، تتبعها مرحلة انقطاع الطمث (صفر بويضات) بعد ما يقارب 5 -10 سنوات تقريبًا حيث تنعدم الإباضة عندها ولا خصوبة أبداً بعد انقطاع الطمث.
الخصوبة عند الذكور
□ لضمان الخصوبة يجب أن تكون خصية واحدة على الأقل سليمة تنتج ما يلزم من الحيوانات المنوية وهرمون (الذكورة التستوستيرون).
□ يتقلص الإخصاب عند الذكور عندما يقل عدد الحيوانات المنوية عن 40 مليون للقذفة الواحدة وبما لا يقل عن20 مليون حيوان منوي لكل سم3 من المني وعندما تكون الحيوانات المنوية غير فعالة وقادرة على الحركة. وحسب منظمة الصحة العالمية فقد تقلص معدل عدد الحيوانات المنوية لكل سم3 من المني من 104 مليون عام 1973م إلى49 مليون عام 2018م.
□ يؤثر التعرض للأمواج الإشعاعية المتنوعة لا سيما الميكروويف والهاتف الجوال على الإخصاب عند الجنسين. ويؤدي العمل لفترات طويلة على الحاسوب المحمول لفترات طويلة مع وضعه على الركبتين إلى رفع درجة حرارة كيس الصفن ومن ثم خفض الحيوانات المنوية وتشويهها. وتنتج الخصى الحيوانات المنوية عند حرارة 28 درجة مئوية وغير ذلك يؤثر على الخصوبة ويضعف الحيوانات المنوية وربما أسفر عن خلل هرموني وخلل كروموسومي أيضاً.
تعزو منظمة الصحة العالمية إنحدار الخصوبة عند الجنسين إلى العديد من الأسباب أهمها:
□ وجود أمراض حالية أو سابقة لا سيما الخصية الهاجرة ودوالي الخصية وضعف الحيوانات المنوية عند الذكور وتكيس المبايض وإنسداد قناتي البيض عند الإناث.
□ تدخين السجائر والأرجيلة وتعاطي الكحول والمخدرات
□ السمنة المفرطة وزيادة الوزن وهما من أهم أسباب ضعف الخصوبة
□ النظام الغذائي المنقوص والسيء القائم على الوجبات السريعة (الهوتدوج والهامبرجر والسنيورة وغيرها) والأغذية المعلبة الغارقة بالمواد الحافضة والملونات والمحليات الصناعية.
□ ملوثات البيئة المنبعثة من عوادم السيارات والمصانع وحرق النفايات لا سيما البلاستيكية منها. وتعتبر مادة البيسفينول A المنبعثة من حرق وتحلل المواد البلاستيكية على علاقة وثيقة بمشاكل الخصوبة عند الجنسين. وتعمل ملوثات البيئة بالمجمل على اضعاف المنظومة الهرمونية بالجسم وتضر بالخصوبة. ويندرج بذات السياق التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة.
□ يؤثر السلوك العصبي لا سيما التوتر والضغط النفسي المستمر سلباً على خصوبة البشر وحتى الحيوانات.
□ تأجيل فكرة الزواج والإنجاب، حيث يعتقد الجنسين أن عامل العمر لا يمثل مشكلة بالنسبة للخصوبة. وعندم يصل عمر الزوجة 35 عاماً يصبح الإنجاب بعدها صعباً ومحفوفاً بالمخاطر.
وتنصح منظمة الصحة العالمية المجتمعات بمراقبة خصوبة الكلاب لديها، حيث نعيش نحن معشر البشر مع كلابنا نفس التأثيرات البيئية. تعمل ملوثات البيئة الكيميائية إلى إرباك وتعطيل النظام الهرموني وتفكيك الحمض النووي والتسبب بالإجهاض المبكر عند البشر والكلاب على حد سواء.
ب