تشرفت بحضور اشهار كتاب “تسامح بلا حدود – رؤية فلسفية تربوية” لمؤلفته الأستاذة الدكتورة أماني جرار الذي تم إشهاره بمنتدى عبد الحميد شومان الثقافي يوم الإثنين الموافق 17 شباط 2025م وبرعاية رئيس الوزراء الأسبق دولة الدكتور عبد الرؤف الروابده. وأدار االحفل الإعلامية لينا مشربش، وتم تقديم قراءة نقدية للكتاب من قبل كل من الناقد والباحث الأستاذ الدكتور أحمد ماضي ومعالي وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور إبراهيم بدران.
يقع الكتاب في خمسة فصول وكان قد صدر عن دار “الصايل” وعدد صفحاته 365 صفحة من الحجم المتوسط. ويقدم هذا الكتاب أحد أهم المفاهيم جدلا وهو التسامح بمهومه الفلسفي من خلال تصديه للإشكاليات الفلسفية والتربوية والثقافية والسياسية المتعلقة بالتطبيق، ويستعرض التطور التاريخي لهذا المفهوم من خلال مناقشة أشكال التسامح المتنوعة والتفكر في فكر عدد من الفلاسفة العالمين. وكما يتناول الكتاب مفهومي حقوق الإنسان والحريات العامة من خلال أسس فلسفية متنوعة لتحديد معيار لحقوق وحريات الأفراد والمجموعات. ولم يغفل الكتاب مفاهيم وأشكال حقول الإنسان وتطورها عبر التاريخ التي صاغتها ثقافة الحضارات السابقة.
رأى راعي الحفل رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة “أن الكتاب يحمل عنوانًا مهمًّا وبه إضافة نوعيّة، في هذه المرحلة المتأزمة التي تمر بها الأمة العربية. وتساءل دولته عن كيفية التسامح التي يدعو إليها الكتاب، في ظل حرب الإبادة والتهجير والقتل التي يراها الناس يوميًّا على الشاشات، مؤكدًا أنه وجد في الكتاب صرخة تقول للدنيا لقد ضاع العدل والحق وأصبحت القوة هي الميدان، وبه صرخة ودعوة للعودة إلى القيم الإنسانية.
بدوره، أوضح معالي الدكتور إبراهيم بدران أن الكتاب يتصدى بشكل رئيسي للإشكاليات الفلسفيّة والتربويّة والثقافيّة والسياسيّة التي تلامس التسامح، وقال “يتبين لنا من مطالعة الكتاب، أن التسامح المقصود ليس هو العفو والصفح، إنما الإقرار بالحق للآخر بأن يكون مختلفًا، وأن الاختلاف لا يعني التضاد”.
وأشار الدكتور أحمد ماضي إلى إن التسامح قيمة إنسانيّة، تضاف إلى قيم الحق والخير والجمال، وأن التسامح الذي يدعو إليه الكتاب، يعد فرصة لتعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين الثقافات والأعراق والأديان المختلفة، وترسيخ قواعد الاحترام والعدالة في المجتمعات، وتأصيل ثقافة التسامح بين البشر.
وبالمقابل، أكدت مؤلفة الكتاب الدكتورة أماني جرار في شهادتها أن كتابها، هو جهد لمناقشة محاور فلسفية ذات أهمية كبرى للإنسانية، متناولاً فلسفة التسامح وأبعاده اللامتناهية، والمعضلات الفلسفيّة والأخلاقيّة والتربويّة والسياسيّة والثقافيّة، التي تحول دون التعامل ضمن ابعاد التسامح بين البشر واحترام حرية الآخرين على مساحة الإختلاف الواسعة.
قرأت الكتاب بشكل هاديء بعد حفل الإشهار لا سيما وأن إشهاره جاء بعطلة ما بعد الفصل الدراسي الأول، ووجدت أنه يناقش إشكاليات فلسفية وتربوية وثقافية وسياسية، ويؤكد على أن التسامح ليس العفو والصفح عن من أساء اليك كما اعتقدت، بل الإقرار بحق الآخر في أن يكون مختلفًا، والمقدرة على التعايش مع الاختلافات الدينية والمذهبية والقومية والعرقية والجنسية. وفيما يلي تلخيص لما ورد في هذا الكتاب:
□ تناول الفصل الأول مفهوم التسامح وأشكاله المتنوعة: التسامح المعرفي، والتسامح الأخلاقي، والتسامح السياسي ضمن سرد تاريخي لتطور كل منها.
□ تناول الفصل الثاني المفاهيم والتصورات المختلفة لمصطلح حقوق الإنسان، بالتعريف والتحليل لمفهوم لحقوق الإنسان والحريات العامة، والأسس الفلسفية والنظريات التي اعتمدت عليها التفسيرات المختلفة لهذه المفاهيم في الثقافات المختلفة. كما ناقش أكثر حقوق البشر أهمية وأساسية، التي تستند إليها جميع الحقوق الأخرى، وهو الحق في العدالة ضمن مشكلة تعارض المصالح المختلفة داخل المجتمعات البشرية لضمان الحق في الأمن والسلم الشاملين.
□ يبحث الفصل الثالث في فلسفة الحريات العامة من خلال النظريات المادية والمثالية. وكما تناول هذا الفصل مفهوم الحرية من خلال المسوغات الفلسفية والإقتصادية والقانونية والسياسية.
□ تناول الفصل الرابع الأخوة الإنسانية والمساواة بين المواطنين من خلال احترام الإختلاف والتنوع الثقافي والمصلحة العامة كوسيلة للوصول الى المواطنة العالمية ضمن العولمة والمسؤولية العالمية في احترام حقوق الإنسان من خلال ارتباطه ببلده وتجاوزه للحواجز الجغرافية والحدود ليصل إلى المواطنة العالمية ضمن الإنسانية المشتركة.
□ يبحث الفصل الخامس بدور التربية الإنسانية القائمة على قيم التسامح في مواجهة العنف والتطرف والإرهاب من خلال التمسك بقيم العدالة والحرية والديموقراطية وفق قيم السلام والمواطنة العالمية والأخوة الإنسانية على أساس مدرسة العقلانية والنهج الإنساني.
يعتقد كاتب هذه السطور أن هذا الكتاب جاء في وقت يصعب بها تسويق فلسفة التسامح لا سيما في مجتمعاتنا العربية التي تشهد هجمة همجية تقوم على العنف والقتل والإرهاب والتهجير في ظل غياب العدل الأممي والتنصل من قيم التسامح ومفاهيم العدل الإنساني. ويبقى البعد الذي ذهب اليه هذا الكتاب بعدا انسانيا يمقت الظلم والتهميش والإضطهاد وتكميم الأفواه ومصادرة الحقوق ويحلم بالعدل والمساواة والحرية ضمن الحدود الجغرافية وخارجها.