يطالب البعض بأن يتشبه الاردن بالتجربة الفلندية في مجالاتها الاقتصادية و التعليمية و الصحية و غيرها، معتمدين على معطيات مثل عدد السكان و شح الموارد الطبيعية و غيره. في بحث بسيط على الانترنت وجدت ان عدد الجامعات في فنلندا يبلغ 38 جامعة، مقسمة الى مجموعتين الاولى جامعات شاملة بتخصصات مختلفة و يبلغ عددها 14 جامعة و الاخرى تظم جامعات العلوم التطبيقية و عددها 24 جامعة. في الاردن يوجد 30 جامعة حسب الموقع الالكتروني الرسمي لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي، مقسمة ايضا الى قسمين الاول جامعات رسمية و هي 10 جامعات و الثاني جامعات خاصة و عددها 20 جامعة و هي جامعات شاملة تقريبا. اذا و من حيث المبدأ اذا اردنا الاقتداء بفلندا من حيث عدد الجامعات فهنالك متسع لجامعات جديدة في الاردن، و لكن عن اي نوع من الجامعات نتحدث. كتبت هذه المقدمة كمدخل لموضوع المقالة و الخاص باستحداث جامعات جديدة في الاردن.
جامعاتنا الوطنية بشقيها العام و الخاص ما زالت تقليدية، مهمتها الرئيسية تعليم الطلبة و باساليب معظمها لم يعد يلبي متطلبات السوق المحلية فكيف بالاسواق الاقليمية و العالمية. هذه الجامعات ذات بنى تحيتة متواضعة نظرا لنقص الموارد في الجامعات الرسمية و انفاق الحد الادني من المطلوب في الجامعات الخاصة. جامعاتنا الوطنية تبخل ادارات معظمها في انفاق مخصصات البحث العلمي لعدم ايمان هذه الادارات باهمية البحث العلمي و دوره في الاقتصاد المعرفي. الرسوم التي يدفعها الطلبة تشكل معظم ان لم يكن كل مصادر الدخل لهذه الجامعات اذا استثنينا بعض المداخيل و التي تتحقق من تأجير بعض المحلات التجارية داخل او على اطراف الحرم الجامعي لهذه الجامعات. جامعاتنا الوطنية تخلو من حاضنات الاعمال الحقيقية، و اذا ما و جدت فهي اما جديدة و اما غير فعالة يعلو الغبار مكاتبها.
من اجل تلبية متطلبات السوق المحلية و الاقليمية و العالمية، و ايضا من اجل انجاح الخطة الاستراتيجيية لاستقطاب الطلبة العرب و الاجانب و التي تعمل وزارة التعليم العالي و البحث العلمي على تنفيذها، و التي تهدف الى زيادة اعداد الطلبة الاجانب من 40000 الى 70000 طالب و طالبة بحلول عام 2020 و ذلك استجابة لخطة التحفيز الاقتصادي (2018-2022)، يجب على جامعاتنا الوطنية ان تتغير و بزاوية مقدارها 180 درجة. التغير المطلوب يشمل كل شيء في الجامعة، فهو يبدأ بادارة الجامعة و التي ستعمل على بلورة مفهوم مبتكر لرؤية و رسالة الجامعة و كذلك اعادة تقيم كفاءة اعضاء الهيئتن الادارية و الاكاديمية فتبقي المتميز و تعمل على تطويره و تنحي من هم غير ذلك، مرورا باعضاء الهيئات الادارية و الاكاديمية و الذين يقع على عاتقهم العمل على تطوير البرامج التي تطرحها الجامعة فيبقون على المطلوب منها و يعملون على تطويره ليتناسب مع متطلبات اسواق العمل و يغلقون التخصصات الغير مطلوبة. التغير يشمل ايضا البنية التحتية و هي الوعاء الذي تنفذ من خلاله انشطة الجامعة المختلفة، فمن غير المعقول ان الحديث ما زال يدور حول مستلزمات الغرفة الصفية و المختبر.
التغير المطلوب كبير و ينتابني شك كبير بان كثير من الجامعات غير قادرة على تنفيذه و خصوصا الرسمية منها لاسباب كثيرة منها قلة الموارد و البيروقراطية المتأصلة، و لذلك فان الجامعات الخاصة هى الاقدر على احداث التغير و التحول من جامعات تقليدية تقدم برامج مستنسخة الى جامعات ريادية تخرج رواد اعمال و مبتكرين. مالكو الجامعات الخاصة قادرون على استقطاب المتميزين لادراة جامعاتهم حسب القوانين المعمول بها من اجل احداث التغير.
التغير المطلوب بحاجة الى استثمار مخصصات مالية كبيرة تملكها الجامعات الخاصة، و بحاجة ايضا الى ان يتفهم مالكو هذه الجامعات ان عوائد هذا الاستثمار لن تكون سريعة بل ستكون على المدى البعيد كبيرة جدا تتعدى ما تحققه الان من رسوم الطلبة عندما تتحول هذه الجامعات الى حاضنات اعمال و الى مؤسسات تحصل على عوائد مادية من تتجير و تسويق مخرجات البحث العلمي للباحثين فيها.
و اخيرا هنالك متسع لجامعات جديدة في الاردن، و يمكن لذلك ان يتحقق باحدى طريقين الاول تطوير الموجود منها بحيث تصبح جديدة بعد استكمال خطوات التغير و التطوير، او باعطاء تراخيص جديدة لاستحداث جامعات جديدة و بمواصفات عالمية، و هنا اعتقد ان من الضروري اعادة النظر في تعليمات الترخيص لانشاء الجامعات و المؤسسات الجامعية الخاصة واجراءاته و هذا ما ساتحدث عنه في مقالة لاحقة.
الرئيسية / صحافة / هل هنالك متسع لجامعات جديدة في الاردن؟ بقلم الدكتور محمد بريك – منقول عن جريدة الرأي الأردنية