نعم الجامعات الخاصة في مأزق الان نظرا لانخفاض اعداد الطلبة المقبولين في معظم ان لم يكن كل الجامعات الخاصة بسبب انخفاض اعداد الناجحين في امتحان الثانوية العامة و التي تشكل الرسوم التي يدفعها هؤلاء الطلبة الدخل الرئيسي ان لم يكن الوحيد لهذه الجامعات.
ان الضغوط التي تتعرض لها الجامعات الخاصة ستستمر اذا ما استمرت سياسة وزارة التربية و التعليم الخاصة بامتحان الثانوية العامة و لن يكون الحل التخلص من هذه الضغوط في السماح للطلبة الحاصلين على 55% في الثانوية العامة الالتحاق بالجامعات مع اني اعتقد ان من حق كل الناجحين في الثانوية العامة ان يحصلوا على فرصة الالتحاق بالجامعة.
ان الحلول الحقيقية لهذه الضغوط تكمن في الجودة و اساليب الادارة غير التقليدية و الاستثمار الامثل لطاقات الهيئات الاكاديمية و غيره.
على الجامعات الخاصة البدء في التفكير بطرق غير تقليدية مبتكرة في ادارة شؤونها و في هذا السياق اقترح بعض الطرق التي من الممكن ان تساعد هذه الجامعات ليس في بقائها فحسب بل في تطورها و تفوقها و من هذه الطرق:
اولا ضبط النفقات: و لا اعني اعادة الهيكلة و الاستغناء عن الموظفين كون الجامعات الخاصة لا تستخدم الا حاجتها من اعضاء الهيئتين الادارية و الاكاديمية بل اعني ضبط النفقات في جوانب اخرى مثل ضبط حركة باصات الجامعة مثلا.
ثانيا تنويع مصادر الدخل: ما زالت الرسوم التي يدفعها الطلبة تشكل معظم دخل الجامعات الخاصة و من هنا صار لزاما على هذه الجامعات ان تفكر في مصادر دخل جديدة و من هنا تستطيع الجامعات الخاصة البدء مباشرة بتطوير اليات عمل المراكز الاستشارية في الجامعات و حثها على الاستفادة من طاقات الهيئات الاكاديمية في تطوير برامج تدريبية متميزة جاذبة على ان تعود عوائد هذه الدورات بالنفع على الجامعة و المدربين و بشكل مجز لهؤلاء المدربين الشيء الذي من شأنه ان يكون حافزا لهم في تطوير برامج متميزة و كذلك حث هذه المراكز ان تكون مراكز تقدم الاستشارة لكل من تلزمة الاستشارة محليا و اقليميا و ربما دوليا و العاملون في مجال التدريب و الاستشارة يعلمون ان عوائد هذه الاعمال مرتفعة مقارنة بما يدفعه الطلاب لقاء نفس ساعات العمل.
ثالثا البحث العلمي: على الجامعات الخاصة ان تعمل على استثمار مخصصات البحث العلمي و التي تبلغ 3% من ميزانية الجامعة احسن استثمار. من المعروف للعاملين في مجال البحث العلمي ان الاولويات البحثية الوطنية تتشابه كثيرا مع الاولويات البحثية العالمية و من هذه الاولويات الصحة و الطاقة المتجددة و الماء و التغيرات المناخية و من هنا يمكن لعمادات البحث العلمي في الجامعات الخاصة ان تدعم مشاريع بحثية تطبيقية لاعضاء الهيئات التدريسية فيها او لباحثين متميزين تستخدمهم لغايات البحث العلمي. نتائج الابحاث التطبيقة يمكن تسويقها وبذلك تعود على الجميع بعوائد مادية كبيرة وهنا لن امل من ان اذكر ان احد المشاريع البحثية التطبيقية في مكان غير بعيد من هنا دعم بعشرات الالاف من الدولارات بيعت نتائجة بمبلغ مئتين وخمسين مليون دولار.
رابعا الجودة: من واقع خبرتي كعضو هيئة تدريس في جامعة خاصة اكاد اجزم ان نسبة كبيرة جدا من الطلبة تأتي الى الجامعة من اجل هدف واحد و هو الحصول على المعرفة و من هنا فأن هؤلاء الطلبة قادرون على ان يميزوا بين نوعية الخدمة التي تقدمها الجامعات الخاصة و علية اصبح لازما على هذه الجامعات ان تسعى الى تطوير الخدمة التي تقدمها و جودة الخدمة تبدأ من الحافلة التي تقل هؤلاء الطلبة من اماكن سكناهم الى الجامعة و من غير المعقول ان يستخدم الطالب حافلة جامعية غير نظيفة و مهترئة و يقودها سائق يصر على ان يدخن و غير ملتزم بزي موحد يستفز الطلبة باسماعهم ما لا يريدون من الموسيقى و نسمي هذه خدمة مواصلات. جودة الخدمة تبدأ من الحافلة مرورا بالبنية التحتية للجامعة كالغرفة الصفية و المختبرات و مصادر التعلم كالمكتبة و قواعد البيانات بالاضافة الى نوعية اعضاء الهيئتين الاكاديمية و الادارية.
خامسا البرامج الاكاديمية: على الجامعات الخاصة ان تعمل على تطوير برامجها الاكاديمية بحيث تتناسب مع حاجة السوق فتغلق الاقسام غير الجاذبة و تستحدث اخرى يطلبها السوق المحلي و الاقليمي.
سادسا الرسوم الدراسية: في ظل التنافس الشديد بين الجامعات الخاصة يجب على هذه الجامعات ان تعيد النظر بالرسوم الدراسية فأن يعمل قسم اكاديمي بطاقتة الاستيعابية من الطلبة يدفعون رسوما اقل افضل من ان يعمل بنصف طاقتة الاستيعابية من الطلبة يدفعون رسوما اعلى.
سابعا المنح الدراسية: تعاني معظم الاقسام الاكاديمية في الجامعات الخاصة من عدم الوصول الى طاقتها القصوى من الطلبة و لذلك منح الطلبة الحاصلين على معدلات مرتفعة في الثانوية العامة منح تصل الى 100% على رسوم الساعات الدراسية لن يقلل من ايرادات الجامعة بل على العكس سيزيدها كون هؤلاء الطلبة سيدفعون رسوم الخدمات و يعملون على رفع المستوى الاكاديمي للقسم و يحفزون روح التنافس عند زملائهم.
تعتبر التجربة الوطنية مع الجامعات الخاصة حديثة نسبيا فعمر هذه التجربة لم يتعد الاربعة عقود و على الرغم من حداثة التجربة الا ان هذه الجامعات اثبتت انها قادرة على تحمل مسؤولية اعداد الكوادر البشرية المؤهلة لدخول السوق وساهمت ايضا في توفير الاف فرص العمل للكثير من الاردنيين. الجامعات الخاصة ثروة وطنية من الممكن العمل على تطويرها والارتقاء بمستواها.