ان رسالة العملية التعليمية تقوم على بناء الشخصية وتوفير كل مايلزم المجتمع من معارف ومهارات وعلوم وتكنولوجيا تواكب العصر لتعود بالخيرعلى الامة والعالم أجمع في كل مناحي الحياة من خلال الموسسات التعليميه بحيث تتفاعل فيها كافة الاطراف التي تهم العملية التربوية من اداريين وعاملين ومعلمين وطلبه وصناع قرار بغرض نمو المتعلمين وتعديل سلوكهم واكسابهم المهارات المرغوبة تهيئة لهم للمستقبل المنشود. فالتربية والتعلم عملية ملازمة للانسان وهي مستمرة الى ان يرث الله الارض ومن عليها ، فهي تعمل على تأهيل الانسان المستخلف في الارض للقيام بدوره بكل الابعاد من خلال منظومة المفاهيم والقيم المؤثرة في السلوك في اطار بناء الشخصيه عن طريق غرس الثقافه والقيم في كل المراحل دون توقف في عقول الطلبة جامعاتنا الوطنيه هي المؤسسات الاجتماعية الثانية بعد البيت من حيث التأثير في تربية الطالب ورعايته. وتعود أهميتها لما تقوم به من عملية تربويّة مهمّة وصقل لأذهان, فالتعليم لا بد ان يحدث تغييرا في سلوك المتعلمين نحو الاهداف والقيم المرعية ، لذا لا بد ان تكون عملية تربوية هادفة تأخذ في اعتبارها كل العوامل المكونة للموقف التعليمي بحيث يتعاون من خلالها المعلم والطالب لتحقيق اهدافه وغاياته التربوية . انّ الجوّ الانفعالي العام الذي يعيشه الطلبه في جامعاتنا الان له أثر عميق في مدى تحركه وتفاعله وتحصيله الاكاديمي ، وقد يعتدي الطلبه أحياناً على زميل لهم لاعتقادهم بأنه لا يستطيع أن يردّ الاعتداء أو لشعورهم بضعفه وعدم قدرته على الوقوف أمامهم بنفسه والاعتماد على ذاته. وقد تعود مثل هذه الصفات إلى التركيب البيولوجي للشخصيّة أو الضروف القاسية التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم وسيبقي المعلم العنصر الأساسي في اكتشاف التحولات في سلوك الطلبه وفي التعرف على كثير من أشكال الاضطراب وتشخيص ما يواجهون من مشكلات ومساعدتهم على التكيّف مع الحياة الاجتماعية للجامعة ، من خلال صقل شخصياتهم االعقليه والنفسيه لتحقيق الأهداف التربوية وتنمية جانب الخير في شخصياتهم وتنمية هذا الجانب عن طريق التشجيع والتوجه واستغلال طاقاتهم إلى أبعد مدى ممكن ومساعدتهم على الاحتفاظ باتزانهم العاطفي وتنمية اتجاهاتهم السليمة . اما ما تعيشه مؤوسساتنا التعليميه اليوم من مضاهر العنف الجامعي العدواني الذي برز في الأونه ألأخيرة تعدى الخطوط الحمراء من اعتداءات على مقدراتنا الوطنيه وانجازاتها الاكاديميه والاداريه حتى بات الكثير من الطلبه والاكاديمين يعيشون في حاله من الذعر والخوف على انفسهم وممتلكاتهم . فالعنف سلوك نشط فعّال يهدف من ورائه إلى سدّ حاجات أساسيّة أو غرائزيّة. ويشمل جميع الفعاليات فهو سلوك هجومي منطوي على الإكراه والإيذاء. وهو بهذا يكون اندفاعاً غوغائيا يصبح معه ضبط الشخص لنوازعه الداخلية ضعيفاً وهو اندفاع نحو التخريب والتعطيل . والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن للمؤسسة التعليمية ان تغير في هذا الواقع وتعيد او تساعد في اعادة الامور الى نصابها الصحيح الذي نأمله جميعا ؟؟؟؟ فجامعاتنا بحاجه ماسه الى اتخاذ الاجراءات الرادعه البناءه لعلاج مكتسباتنا العلمية ومؤسساتنا هي الدرع الواقي الذي طالما ميزنا بين الدول الإقليمية والمحلية
ونحن على مفترق طرق بين صراعات اقليميه ايدلوجية وسياسيه بحته .فأنه لمن القوه والعظمة أن يكون الأمر بيد من يدركه لا بيد من يملكه. وانه لمن الضعف والاستهانة أن يكون الأمر بيد من يملكه لا بيد من يدركه…..
رفقا بمؤسساتنا الوطنية فهي مؤسسات علمية وبحثية وحاضنات للأبداع والتميز وميادين لتخريج قادة الرأي وعلماء المستقبل والكفاءات العملية التي ترتقي بالوطن والأمم الى معارج الحضارة والثقافة والرقي في المجالات .
كما أكدت رؤية ملكية لمواجهة التحديات التي تلقي بظلالها على الجامعات الأردنية والتعليم العالي وفي المقدمة منها « العنف الجامعي « وهو ما أشار إليه جلالته بإعادة التأكيد أنه «خط أحمر، ويجب أن يتوقف»، ولا بد من العمل والتعاون مع جميع الجهات المعنية، ليشكل عام 2017 بداية جديدة.
رؤيه جلالته حملت في مضامينها تشخصيا واضحا لحجم ظاهرة العنف الجامعي مقدما الدواء لمواجهة هذه الظاهرة التي باتت تشكل أرقا لكل مكونات المجتمع الأردني من خلال :
اولا / بناء بيئة إيجابية داخل الجامعات وغرس قيم المبادرة والإبداع والريادة والمواطنة الفاعلة لدى الطلبة، وثانيا / لا يوجد أحد فوق القانون سواء من الطلبة أو من العاملين في الجامعات،
وثالثا / العمل بروح الفريق الواحد، وتحمل مسؤولياتهم للارتقاء بمستوى الجيل الجديد وتمكينه من النهوض بدوره في مواجهة التحديات،
ورابعا / أهمية إرشاد الطلبة وتأهيلهم وتعزيز قدراتهم بالشكل الذي يتلاءم مع حاجات سوق العمل.
ظاهرة العنف الجامعي ليست قضية عرَضية بل تراكمية وهي صورة واضحة وجلية لظاهرة العنف المجتمعي التي باتت تؤرق نسيج مجتمعنا الأردني، فالجامعات لكل بنات وأبناء الوطن ومن غير المقبول أن تصبح ملاذا للعنف أو الفئوية أو أن يكون فيها أي تطرف أو إقصاء وبالتالي فانه لم يعد مقبولا استمرار العنف الجامعي، ثمة أهمية كبيرة تستدعي مراجعة شاملة للبحث عن حلول جذرية لا آنية لهذه الظاهرة على مختلف الاصعدة ومواصلة التصدي للعنف داخل الجامعات، فضلا عن العمل للارتقاء بالعملية التعليمية بجميع مكوناتها. أن إدارات الجامعات والحكومة لا تزال عاجزة عن وضع حلول جذرية لهذه الظاهرة التي تضرب جامعاتنا وتعمل على تشويه العملية التعليمية. مع أن موجات من العنف الجامعي متوقع لها أن تحدث بين الفينة والأخرى في ظل غياب استراتيجية حكومية جادة لمواجهة هذه الظاهرة.