طريق مختصر للقصة القصيرة
في جامعات العالم الثالث حيث يكون تعليم اللغة الإنجليزية وسيلة لتحقيق المجال المهني للأستاذ الجامعي يجب أن نأخذ الموضوع بعين الاعتبار على نحو جدّي. والأردن (كما هي حال الجامعات العربية) بوصفه جزءاً من ذلك العالم ليس إستثناءاً بالنسبة إلى الجامعة التي تضع الكثير من التأكيد على إنجاز الطلبة لمهارة تلك اللغة بالوسائل المتاحة، والتي هي ماتعة بالنسبة للمتعلمين والمعلمين. وأن يقوم الطلبة بقراءة القصص تحت إشراف الأساتذة هي إحدى طرق تعلم اللغة الإنجليزية وبأسلوب محبب هي من التقاليد الراسخة والمعهودة في هذا المجال.
ويأتي كتاب طريق مختصر للقصة القصيرة نتيجة من نتائج هذا النشاط في مستوى الدراسة ما قبل التخرج حيث قام كل من عزيز جاسم محمد وفؤاد عبدالمطلب بمحاولة في ذلك الاتجاه فأثبتا أن ذلك ممارسة مثمرة، فقدما هذا الكتاب لطلبتهما ليقوم هؤلاء الطلبة برحلة شائقة في عملية حيازتهم مهارات اللغة الإنجليزية عبر قراءة القصة القصيرة. وقد اختار المحرران مجموعة “جيدة” من القصص الكثيرة كتبها أدباء من الماضي مثل تشارلز ديكنز وأوسكار وايلد وأدباء من العصر الحديث مثل أو. هنري وجيمز جويس وإرنست همنغواي وغيرهم. لذلك يساعد هذا الكتاب كثيراً في تسهيل عملية فهم القصة القصيرة بوصفها شكلاً أدبياً وفي إدارة هذه العملية وتوجيهها إلى أذهان الطلبة من حيث قراءة تلك القصص وفهم مغازيها. من هنا كانت هذه العملية تجربة في تعلم اللغة ضمن سياق أدبي بالإضافة إلى كونها طموحاً لفهم الآلية الداخلية للتجارب الإنسانية: سواء أكانت على شكل صراعات داخلية ضمن الشخصيات أو على شكل حساسية رفيعة من أجل فهم أحد الأشكال الفنية والذي يدعى القصة القصيرة.
ومن شأن المقدمة القصيرة البالغة ست صفحات أن تمهد الطريق للطالب أمام الطالب كي يمر عبر صفحات الكتاب عارفاً ما الذي يجب أن يبحث عنه وكيف يتعامل بكفاءة تقنية مع القصة في أثناء قراءتها. وتتراوح نماذج القصص بين المثير والمدهش حسب حالة كل موضوع أو تركيز في كل قصة.
ويقدم الجزء الثاني من الكتاب بعض الإشارات حول ما الذي يجب تذوقه في هذا الجنس الأدبي ولأحرار شيء من ذلك بالسرعة والسهولة الممكنين ويذكر الجزء الأخير من هذا القسم الأدوات النقدية التي يستخدمها النقاد عادة، وإذا سعى الطالب أكثر، فإن باستطاعته أن ينخرط أكثر في تطبيق أياً من هذه الأدوات في تذوق القصص القصيرة التي سيقرأها مستقبلاً.
ولكنني أظن أن الانخراط الزائد في النظرية في هذه المرحلة ليس شيئاً عملياً. وهكذا فقد قام المحرران على نحو صحيح بتقديم مقترحات موجزة للطلبة حول استخدام النظرية في حال توجه الطلبة مستقبلاً للتخصص في الأدب.
ويستطيع المرء أن يأمل بأن مجموعة كهذه لا تقدم رحلة استكشافية شائقة للطلبة في قراءة القصص في الفصل فحسب، بل يمكنها أيضاً أن تتجاوز ذلك إلى إلقاء الضوء على المشاعر الداخلية العميقة والمعقدة للذوات البشرية وتجلياتها في الفعل الإنساني ضمن السياق المدروس.
أما غلاف الكتاب فإنه صمم بطريقة جميلة تثير معاً إحساساً بلقاء المادي مع الأثيري، العاقل مع المغامر، وهو الإحساس الذي يشكل مدى المشاعر والأحاسيس الإنسانية التي تنعكس بصورة واضحة في القصص التي تضمها دفتي الكتاب.
إن جهود المحررين سيتم الاعتراف بها خلال قادمات الأيام ليس حين يتخذ الطلبة من قصص هذا الكتاب مادة دراسية للنجاح في مقرراتهم الدراسية فحسب، بل وحين يقرأونها لوحدهم بعيداً عن الدراسة وللمتعة الشخصية ويستخلصوا منها معاني الحياة ذاتها كما صورها أساتذة هذا الفن في أعمالهم وقدموها لهذه الإنسانية.
ترجمة د. فؤاد عبد المطلب
أعده وقدم له د. عزيز جاسم محمود. فؤاد عبدالمطلب
منشورات دار أحد، نابور، نيودلهي، 2016
راجعه: ب. ك. باندا