شهدت قاعة إبن العوام يوم الثلاثاء الماضي الموافق 21/3/2017م جدلاً ونقاشاً علمياً حول تأثير التغير المناخي على الزراعة والتنوع الأحيائي بالأردن. وقد شارك بفعاليات الورشة خبراء وعلماء من الجامعات الأردنية وبعض الوزارات المعنية وممثلين من مؤسسات بيئية وزراعية والإدارة الملكية لحماية البيئة وناشطين بيئيين إضافة إلى العديد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والطلبة لا سيما طلبة كلية العلوم وكلية الزراعة. كان أول المتحدثين الخبير الزراعي الدكتور خالد الطلافيح حيث حاضر عن تأثير التغير المناخي على الزراعة بالأردن واوضح بعض مظاهر هذا التغير كما تجلى في تأخر بداية هطول الأمطار هذا العام حيث بدأ بشهر ديسمبر بدلاً من أيلول مما أثر على زراعة القمح وغلة المحاصيل الزراعية بشكل عام. وكما أشار الدكتور الطلافيح إلى اتساع الصحراء وزحفها وتراجع رقعة المراعي بسبب التغير المناخي. وكما أدهش عالم الأحياء والتاريخ الطبيعي بالأردن الأستاذ الدكتور زهير عمرو الحاضرين مما قدمه من معلومات حول تأثير التغير المناخي على التنوع الأحيائي الحيواني. فقد أوضح أن التغير المناخي قد تسبب بانقراض 20% من الكائنات الحيوانية لا سيما الطيور وكيف أن جفاف واحة الأزرق الذي بدأت ملامحه عام 1993 بسبب التغير المناخي إلى هلاك أسماك السرحان مما اضطر خبراء البيئة إلى تخزين بيوضه في أحد المختبرات بالنمسا حتى تمت إعادتها إلى موطنها بالواحة بعد الحد جزئياً من الجفاف. والجدير بالذكر أن سمك السرحان لا يوجد في أي مكان بالعالم باستثناء واحة الأزرق. كما أوضح البروفسور عمرو أنه رصد مرضاَ بين بعض أنواع الخفافيش في الأردن. واتضح فيما بعد أن سببه يعود لمرض فطري أصابها ناتج عن انتشار فطر استطاع بسبب التغير المناخي أن يتكاثر بشكل كبير في كهوف هذه الخفافيش. وكما أشار الدكتور زهير عمرو إلى أنه رصد وفريقه البحثي تكاثر أنواع من القواقع (الحلزون) الأرضي في غور الأردن ومناطق أخرى وكيف أنها طغت وأهلكت القواقع المحلية التي كانت منتشرة بالأردن منذ آلاف السنين. ولم ينسى الدكتور عمرو أن يذكر الحضور أن التغير المناخي تسبب في تراجع أعداد غزال البدن وطيور الحباري في البيئة الأردنية إلى الوضع الحرج. ولم يكن تأثير التغير المناخي على التنوع الأحيائي النباتي أكثر رحمة كما أشار عالم النبات الأستاذ الدكتور أحمد العقلة من جامعة اليرموك. فقد أوضح أن من بين 350 نوع من النباتات النادرة بالأردنو 76 نوعاً مهددة بالانقراض. وضرب مثلاً بحال الميرامية البرية والزعتر البري كنماذج وضحايا التغير المناخي حيث أوشكت هذه الأنواع النباتية على الاختفاء من البيئة الأردنية. كما أوضح الدكتور العقلة أن التغير المناخي أثر على عملية تزهير النباتات بما يخص التفتح وانتهاء السبات ومن ثم تأثير كمية غلة المحاصيل. وأخبر الدكتور العقلا أنه وفريقه البحثي بشأن توثيق لجميع النباتات في الأردن ورصد توزيعها الجغرافي ومدى تأثرها بالتغير المناخي. وكانت القاعة على موعد مع الأستاذ الدكتور منذر الصدر من الجامعة الأردنية حيث قدم نماذج من التقنيات الحيوية التي تساعد في مواجهة أخطار التغير المناخي لا سيما على النباتات وفي المجال الزراعي. ومع أنه أحزننا عندما أوضح أن هذا الموضوع لا يلقى الاهتمام الكافي في الأردن وبقية الأقطار العربية, إلا أنه أشار إلى تجارب ناجحة في السودان الشقيق خاصة في مجال استزراع قطن مقاوم للمبيدات بفعل التقنيات الحيوية. وكما أنه بعث الأمل فينا حين اشار إلى أن فريق بحث بالجامعة الأردنية يقوم بتجارب واعدة في ذات المجال. وكسر صمت القاعة خبير البيئة المهندس أحمد النوباني بمحاضرته عن دور الغازات الدفيئة في تفاقم مشكلة التغير المناخي. وقد أوجزالمهندس النوباني عن برامج ومشاريع بيئية تعمل عليها وزارة البيئة من خفض انبعاث هذه الغازات. وأوضح أنه تم استحداث دائرة خاصة بالوزراة تعنى بالتغير المناخي لا سيما ملوثات المناخ قصيرة الأجل. وقد ركزالمهندس النوباني على مساهمة كل من الكربون الأسود وغاز الميثان في الاحتباس الحراري والتغير المناخي. ورحب بإسم الوزارة بالباحثين والمهتمين بالتغير المناخي للتعاون مع وزارة البيئة الأردنية بهذا الخصوص. وقد شهدت الورشة بدقائقها الأخيرة تقديم من قبل الدكتور معاذ القيوم لبرنامج الماجستير حول التغير المناخي والأمن الغذائي الذي تزمع كلية الزراعة بجامعة جرش البدء به الفصل الدراسي القادم وبدعم من الاتحاد الأروبي. بعدها شهدت القاعة مناقشة بين المحاضرين وجمهور الحضور حول التغير المناخي وتأثيره على الأنسان والبيئة والثروات الإقتصادية