كنت أشرت في مقالتي السابقة بعنوان “هل هنالك متسع لجامعات جديدة في الأردن؟” أن هنالك متسع لجامعات جديدة في الأردن من اجل تلبية متطلبات السوق المحلية و الإقليمية و الدولية و التي تسعى دائما الى خريجين على درجة عالية من التأهيل، و من اجل الاستجابة لخطة التحفيز الاقتصادي و التي ترمي الى زيادة أعداد الطلبة الأجانب في الأردن، كما و أشرت إلى أن الوصول إلى هذا المتسع يتحقق إما بتطوير الموجود من الجامعات أو السماح باستحداث جامعات جديدة شعارها الجودة لا تحقيق شروط هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي في الأردن.
من الممكن البدء بتطوير الجامعات الموجودة حاليا و خصوصا الجامعات الخاصة كما أشرت في المقالة السابقة. أما إذا كان الحديث يدور عن استحداث جامعات جديدة، فهنا لا بد لنا من ان نسأل أين يمكن أن نستحدث هذه الجامعات؟، حتى تكون جاذبة للطلاب من داخل الأردن و خارجه. مما لا شك فيه أن الأماكن المناسبة لاستحداث جامعات جديدة تقع في أماكن الكثافة السكانية العالية و اعني بذلك العاصمة عمان بالإضافة إلى كل من الزرقاء و اربد و بذلك نحن نتحدث عن دائرة مركزها عمان و نصف قطرها 75 كيلو متر، كما و يجب الإشارة إلى أن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة قد تكون من ضمن الأماكن الجاذبة لما تتمتع به هذه المنطقة من ميزات خاصة.
استحداث جامعات خاصة جديدة يستوجب الرجوع إلى تعليمات الترخيص لإنشاء الجامعات و المؤسسات الجامعية الخاصة وإجراءاته لعام 2017 و المنشور على الموقع الالكتروني لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي. تقع التعليمات في 10 مواد تغطي الجوانب المتعلقة باستحداث جامعات جديدة خاصة في الأردن. لست في وارد التعليق على مواد التعليمات العشرة و لكني بصدد الحديث عن البند الأول من الفقرة (ب) من المادة الرابعة و المتعلقة بمساحة الأرض التي يجب تخصيصها لاستحداث جامعة خاصة جديدة. توجب التعليمات على الراغبين باستحداث جامعات جديدة تخصيص ما لا يقل عن (120) مائة و عشرين دونما على أن تزيد بواقع 30 مترا مربعا لكل طالب فوق (4000) أربعة الاف طالب.
إذا اتفقنا على ما جاء في الفقرة الثانية من هذه المقالة و التي تقول أن عمان و ما حولها بالاضافة الى العقبة هي الأماكن الأنسب لاستحداث جامعات جديدة، لا بد لنا من أن نسال أين هي تلك القطع من الأراضي و التي تبلغ مساحتها 120 دونما و طبيعتها مناسبة لبناء جامعة، ثم يجب أن نسأل عن ثمن هذه القطع و كلنا يعرف أن أسعار الأراضي في المناطق الجاذبة مرتفعة جدا، و هذا يعني استثمار ملايين أو عشرات الملايين من الدنانير فقط لاستملاك الأرض.
الجامعات الخاصة والتي بدأت بالعمل منذ بدايات 1990 التزمت بشروط استملاك ما كان يفرضه القانون و نرى من خلال الزيارات المختلفة لهذه الجامعات أن كثيرا من الأراضي التي تمتلكها الجامعة غير مستغلة و استملاكها كان فقط لتحقيق شروط الترخيص. أن تمتلك الجامعة مساحة معينة لتزاول أنشطتها المختلفة و التي من ضمنها الأنشطة الرياضية علما بان المساحة المعتمدة لملعب كرة القدم تبلغ 7140 متر مربع ضروري و لابد منه، و لكن اعتقد أن مساحة 120 دونما كحد أدنى يجب مراجعته و الاستعاضة عنه بالتوسع العامودي و بذلك من الممكن توفير المطلوب من الغرف الصفية و المختبرات و غيرها كمكاتب العاملين من ادرايين و أعضاء هيئة تدريس و المكتبات في عدد قليل من المباني متعددة الطوابق و كذلك توفير مواقف لسيارات العاملين و الطلاب في مواقف طابقية تحت الأرض أو فوقها.
أساليب إكساب الطلبة للكفايات اللازمة لدخول سوق العمل تتغير بتغير الزمان و لذلك من الأجدى الأن التركيز و الاستثمار في البنى التحتية و التجهيزات اللازمة من غرف صفية و مختبرات و مشاغل على أن نستثمر في أراضي قد تكون غير مفيدة لتأهيل الطلبة، فطبيعة البرامج التي تنوي الجامعة طرحها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار فيما يخص مساحة الأراضي الواجب توفرها، فالجامعة التي تنوي استحداث كلية للزراعة تلزمها مساحات من الأراضي غير الجامعة التي تنوي تدريس علوم الكمبيوتر و التجارة الالكترونية.
مقالة للدكتور محمد بريك – كلية العلوم/ منقولة عن صحيفة الرأي