بقلم: الدكتور محمد بريك / كلية العلوم
صحيفة الرأي: عندما دفعت الحكومة السابقة بقانون ضريبة الدخل الى مجلس الامة قبل شهور استشعر مجلس نقابة الاطباء ان القانون يرمي الى تحقيق اهداف مختلفة اهمها مكافحة التهرب الضريبي. و المتهربون ضريبيا في الاردن كثر على رأسهم الاطباء في القطاع الخاص. استخدمت النقابات قدراتها التنظيمية و خرجت في رمضان الماضي من اجل التظاهر ضد قانون ضريبة الدخل فسقطت الحكومة و جيء بحكومة جديدة قال عنها نقيب الاطباء الاردنيين الدكتور علي العبوس انها صادمة و تثير الاشمئزاز.
قبل ايام تحدت نقابة الاطباء الوطن و تحدت البشر و الحجر باصدارها لائحة تتضمن كشفيات الاطباء و اجور الاجراءات الطبية و التي تتضمن زيادة في اسعار الخدمات بشكل عام. قرار نقابة الاطباء لم يمر مرور الكرام بل تصدى له الجميع مما دفع بهذه النقابة الى اصدار قرار بتعليق العمل بلائحة الاجور الطبية الجديدة استجابة للردود الشعبية الرافضة لللائحة. قرار التعليق قوبل من قبل البعض بالترحيب و الثناء و لكن هذا القرار لن يقابل من قبل جل الاردنيين و انا منهم الا بالازدراء والاستنكار و الاشمئزاز و الرفض، كان من الاولى على هذه النقابة ان تلغي القرار و تعتذر من الشعب الاردني عن خطئها، و لو كان القرار بيدي لسيق اعضاء مجلس نقابة الاطباء الى قاعة المحكمة على ما ارتكبوه من جريمة بحق الوطن و خصوصا في هذه الظروف الصعبة.
تتراوح كشفية الطبيب العام حسب اللائحة الجديدة بين 8-12 دينارا و طبيب الاختصاص 15-25 دينارا. هل يعلم نقيب الاطباء ان معدل رواتب الموظفين في الاردن لا يتعدى 500 دينار(وليس كراتبه) و عليه فان معدل دخل هذا المواطن لا يتعدى 17 دينارا في اليوم و هي اكثر بقليل من كشفية طبيب اختصاص و هذا دون الحصول على الدواء و غيره من فحوصات مخبرية و تصوير اشعة. نقيب الاطباء حاول بيأس ان يسوق قرار تعديل لائحة الاجور على انه جاء ليعالج الخلل في اسعار الخدمات العلاجية حيث ان كثير من الاطباء يتقاضون اجورا اعلى من التي حددتها النقابة، و هنا يحق لي كمواطن ان اسال ما الفرق بين الطبيب الذي يطلب اجرا أعلى من الذي حددته النقابة و بين سائق التكسي الاصفر الذي يرفض تشغيل العداد او يطلب اجرا أعلى من المقرر.
الاطباء في الاردن فئتان الاولى تعمل في القطاع العام تعالج المواطنين مجانا او شبه مجانا ننحني لهم احتراما على الرغم من وجود بعض التحفضات على عملها، و الاخرى تعمل في القطاع الخاص تقدم خدمة مدفوعة الاجر لا تختلف عن كثير من المهمن التي تقدم خدمات مختلفة. و عن اطباء القطاع الخاص الا من رحم ربي يدور حديث كثير، هولاء يشغلون موظفين بالحد الادنى من الاجور و اثبتت دراسة للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ان جل هولاء الموظفين غير مشتركين بالضمان الاجتماعي، اطباء القطاع الخاص لا يصدرون فواتير للمرضى لقاء دفعهم لاجور المعالجة الطبية. اطباء القطاع الخاص يا نقيب الاطباء يتقاضون نسب (كومشن) من المختبرات و مراكز الاشعة و الصيدليات اذا لم تكن تعرف، بعض الاطباء يطلبون تحاليل طبية غير ضرورية و يصفون ادوية المريض ليس بحاجة لها.
قرار نقابة الاطباء الجديد حول اسعار الخدمات يجب ان يلغى و على الحكومة ان تقوم بواجبها بتطوير الخدمات الطبية المقدمة من القطاع العام من جهة و على تشديد الرقابة على الاطباء في القطاع الخاص من جهة اخرى. تستطيع الجهات الرقابية الحكومية ان تقضي على التهرب الضريبي الذي يمارسه اطباء القطاع الخاص و من لا يلتزم يفقد حقه في مزاولة المهنة.